القرآن هو كتاب الله تعالى الخاتم لبني البشر، نـزل به الروح الأمين على قلب سيد الأنبياء والمرسلين مصدِّقاً لما قبله من الكتب السماوية والأنبياء والرسل، مكملاً بذلك دين الله الإسلام الذي ارتضاه لعباده أجمعين، ومتمماً بذلك نعمته على جميع خلقه من بعد، بما جاء به من أحكام وتشريع، فمن تمسك به فقد فاز في الدنيا والآخرة، ومن شذ عنه فقد ضل سواء السبيل. يقول تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3] . وقد نـزلت هذه الآية في حجة الوداع، وهي آخر ما نـزل من القرآن الكريم، وفيها إعلان لكمال الرسالة وتمام النعمة. ومع نـزولها أحسَّ عمر بن الخطاب (ر) بدنو أجل الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد أدى الأمانة وبلغ الرسالة، واقترب الفراق، فبكى.
والإعلان عن كمال الرسالة وتمام النعمة يأتي في سياق آيات موضوعها تشريعي بحت، فيه إظهارُ الحلالِ والحرام، أي أن من أصول هذا الدين التمسك بما جاء به الشرع الحنيف من قواعد والالتزام بالأوامر، والاجتناب عن النواهي، وفي كل ذلك نعمة من الله وفضل عظيم.
ولقد راعى التشريع الإسلامي عندما نـزل، ثلاثة أمور أساسية.أولها رفع الحرج عن الناس حيث يقول تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6] ، ويقول أيضاً: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] . كما راعى تقليل التكاليف على الناس، فجعل الصلوات خمساً بدل خمسين، كما فرضت أولاً. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الله فرض فرائض فلا تضيِّعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رخصة لكم ليس بنسيان فلا تبحثوا عنها». كما راعى التشريع الإسلامي طباع الناس، فسنَّ التدرج في التحريم حتى يكون ذلك أهون على النفس البشرية. وتحريم الخمرة جاء على مراحل ثلاث: أولها إشارة إلى أن فيها إثماً (أي ذنباً) ومنافع للناس، ولكن الإثم أكبر من النفع؛ وثانيها، النهي عن الصلاة في حالة السكر، ليفقه المصلي قوله، وثالثها النهي الكامل والأمر بالاجتناب بشكل قاطع.
أما مصادر التشريع فهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأضاف جمهور العلماء إلى ذلك، الإجماع والقياس ومصادر أخرى تبعية.
ونعمة التشريع الإسلامي نعمة كبيرة واسعة. وهي تطال المرء في ذاته وفي معاملاته مع الآخرين. وقد فصَّل علماء المسلمين، في كتب الفقه، أبواب التشريع الإسلامي عموماً، وأفاضوا في الحديث عن الحلال والحرام، لما له من تأثير بالغ في حياة الإنسان ومسلكه، وعلاقاته مع الناس، ودوره في المجتمع.
يقول رسول الله (ص) : «الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن وبينهما مشبَّهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبَّهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه»
وكما يقول العلماء: التخلية تكون قبل التحلية، أي إن اجتناب الحرام يتقدم على إظهار الحلال، فإن الحديث عن نعم الله تعالى في تحريم الحرام هو الأولى والأهم. والحديث عن ذلك أيضاً يطول فنأخذ منه أمثلة يسيرة.
يقول تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ? ذَ?لِكُمْ فِسْقٌ ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ? فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ? فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 3] . وقد أثبت العلم الحديث أهمية ذبح الحيوان كما أمر الإسلام، من شحذ للسكين، وإطعام للذبيحة وسقيها قبل سوقها للذبح، وإفراغ الدم من عروقها بعد الذبح وما إلى ذلك، وما مرض جنون البقر الذي انتشر في أوروبا مؤخراً، إلا بسبب إطعام الأبقار المخلفات الحيوانية الممزوجة بالدم وغيره.
وكذلك فإن تحريم الزنى والشذوذ الجنسي، المتفشّي حالياً في المجتمعات الغربية عموماً؛ قد ظهرت آثاره المخيفة في هذه المجتمعات من انتشار الأمراض الخبيثة واختلاط الأنساب. ففي أمريكا مثلاً بلغ عدد الشاذين جنسياً 17 مليون شاذ وشاذة. وارتفع عدد العائلات التي يمارس فيها نكاح المحرمات إلى عائلة من كل عشر عائلات، حسب جريدة «الهيرالد تريبيون» في عددها الصادر في 22/6/1993، والأغرب أن 85% من الذين يمارسونه هم من العائلات الناجحة في أعمالها.كما بلغ انتشار الأمراض الخبيثة بسبب تفشي ظاهرة الزنى أرقاماً خيالية، وخصوصاً في بعض الدول الأفريقية حيث تذكر بعض الإحصائيات أرقاماً تناهز الـ 80% من عدد السكان، وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة هذه المدن مدناً موبوءة.
وكذلك فإن في تحريم الخمر والمخدرات وكل ما يُذْهِبُ العقل نعمة وعبرة لأولي الأبصار. فالعالم كله يشهد ما يعاني شباب اليوم في الغرب من هذه الأمراض، فرغم قيام العديد من المستشفيات والمصحات بمعالجة الناس، وقيام العديد من الجمعيات الأهلية بحملات التوعية لردع الناس عن الوقوع في شرك هذه الموبقات، فإن انتشارها أصبح يهدد المجتمعات الغربية ويشكل خطراً كبيراً عليها. وقد أظهرت دراسة حكومية بريطانية نشرتها مجلة التقوى في عددها 176 الصادر في آذار 2008 أن 20% من طلاب المدارس الثانوية يتعاطون المخدرات، فيما يتعاطى 4% مواداً شديدة الخطورة مثل «الكوكايين».
وكشفت الدراسات أن 25% من 9000 طفل ـ هم محل الدراسة ـ تتراوح أعمارهم ما بين 11 ـ 15 عاماً، عرض عليهم الحشيش، فيما أقر 12% منهم أنهم قاموا بتعاطيه.
وأشارت الدراسات إلى أن استعمال الكوكايين في هذه الفئة العمرية إزداد من 1.4% في عام 2004، إلى 1.9% في عام 2007.
وبحسب فرانس برس، خلصت الدراسة إلى أن 4% من طلاب المدارس الثانوية يتعاطون نوعاً من أنواع المخدرات الشديدة مثل الكوكايين والهيرويين. وقال 6% من الطلاب الذين تبلغ أعمارهم 11 عاماً إنهم تعاطوا المخدرات، وذلك مقارنة بـ 3% في العام الذي سبقه.
وكذلك تحريم الخمر، وقد سمَّاها أهل الحكمة «أم الخبائث». وقد جاء تحريمها في قول الله تعالى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] ، والأمر بالاجتناب أشد وأقوى من الأمر بالنهي عن شربها، أي أنه أمر باجتناب القرب منها كما يقول علماء التفسير. وفي قصة المرأة التي جاءت إلى الناسك لتستشيره في أمر هام، عبرة وعظة بالغة، حيث طلبت إليه أن يصطحبها إلى بيتها لتأخذ رأيه في أمر ضروري، فذهب معها، وقد نصبت له فخاً تريد له الوقوع فيه. فخيرته بأن يزني بها أو أن يقتلها أو أن يشرب الخمر، وإلا شهَّرت به وادَّعت عليه بالباطل. فقال في نفسه إن شرب الخمر هو أهون الشرور، فشربها حتى ذهبت بعقله، فزنى بها وقتل رجلاً رآه يفعل ذلك حتى لا يفضح أمره.
والنهي عن القتل في الإسلام زاجر وقوي، ويوجب القصاص بالمثل. يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ? الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَى? بِالْأُنثَى? } [البقرة: 178] ، وفي سورة المائدة يُظهر القرآن الكريم فظاعة القتل الذي أسرف فيه بنو إسرائيل حيث يقول تعالى: { مِنْ أَجْلِ ذَ?لِكَ كَتَبْنَا عَلَى? بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة: 32] ، ولذلك كان جزاء القاتل المتعمد القتل، يأمر به ويُنَفِّذُه ولي الأمر: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *} [البقرة: 179].
قد يتعجب بعض الناس كيف يكون في القصاص حياة، وفيه قتل القاتل! ويغيب عن بالهم أن الحزم الذي أمر به النبي عليه الصلاة والسلام في قتل القاتل، وقطع يد السارق، وعدم التساهل بذلك، قد حفظ للناس حقوقهم وأموالهم وممتلكاتهم، فمن علم أن يده ستقطع إذا سرق، فلن يقدم على ذلك أبداً، ومن تجرأ على ذلك مرة فلن يستطيع أن يعيدها ثانية ولو أراد. ومن علم أن من يَقْتُل يُقْتَل فلن يتجرأ على ذلك أبداً، لأن في ذلك موته الأكيد. ولذلك كان في القصاص حياة لأولي الألباب، أي: موت القاتل حياة للمجتمع، وقطع يد السارق حفظ لأموال الناس. وتؤكد الإحصائيات أن هذه الجرائم في الدول التي تطبق القصاص في القتل والسرقة والزنى وتقيم الحدود فيها، هي أقل بكثير منها في باقي الدول.
والإعلان عن كمال الرسالة وتمام النعمة يأتي في سياق آيات موضوعها تشريعي بحت، فيه إظهارُ الحلالِ والحرام، أي أن من أصول هذا الدين التمسك بما جاء به الشرع الحنيف من قواعد والالتزام بالأوامر، والاجتناب عن النواهي، وفي كل ذلك نعمة من الله وفضل عظيم.
ولقد راعى التشريع الإسلامي عندما نـزل، ثلاثة أمور أساسية.أولها رفع الحرج عن الناس حيث يقول تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6] ، ويقول أيضاً: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] . كما راعى تقليل التكاليف على الناس، فجعل الصلوات خمساً بدل خمسين، كما فرضت أولاً. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الله فرض فرائض فلا تضيِّعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رخصة لكم ليس بنسيان فلا تبحثوا عنها». كما راعى التشريع الإسلامي طباع الناس، فسنَّ التدرج في التحريم حتى يكون ذلك أهون على النفس البشرية. وتحريم الخمرة جاء على مراحل ثلاث: أولها إشارة إلى أن فيها إثماً (أي ذنباً) ومنافع للناس، ولكن الإثم أكبر من النفع؛ وثانيها، النهي عن الصلاة في حالة السكر، ليفقه المصلي قوله، وثالثها النهي الكامل والأمر بالاجتناب بشكل قاطع.
أما مصادر التشريع فهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأضاف جمهور العلماء إلى ذلك، الإجماع والقياس ومصادر أخرى تبعية.
ونعمة التشريع الإسلامي نعمة كبيرة واسعة. وهي تطال المرء في ذاته وفي معاملاته مع الآخرين. وقد فصَّل علماء المسلمين، في كتب الفقه، أبواب التشريع الإسلامي عموماً، وأفاضوا في الحديث عن الحلال والحرام، لما له من تأثير بالغ في حياة الإنسان ومسلكه، وعلاقاته مع الناس، ودوره في المجتمع.
يقول رسول الله (ص) : «الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن وبينهما مشبَّهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبَّهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه»
وكما يقول العلماء: التخلية تكون قبل التحلية، أي إن اجتناب الحرام يتقدم على إظهار الحلال، فإن الحديث عن نعم الله تعالى في تحريم الحرام هو الأولى والأهم. والحديث عن ذلك أيضاً يطول فنأخذ منه أمثلة يسيرة.
يقول تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ? ذَ?لِكُمْ فِسْقٌ ? الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ? فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ? فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 3] . وقد أثبت العلم الحديث أهمية ذبح الحيوان كما أمر الإسلام، من شحذ للسكين، وإطعام للذبيحة وسقيها قبل سوقها للذبح، وإفراغ الدم من عروقها بعد الذبح وما إلى ذلك، وما مرض جنون البقر الذي انتشر في أوروبا مؤخراً، إلا بسبب إطعام الأبقار المخلفات الحيوانية الممزوجة بالدم وغيره.
وكذلك فإن تحريم الزنى والشذوذ الجنسي، المتفشّي حالياً في المجتمعات الغربية عموماً؛ قد ظهرت آثاره المخيفة في هذه المجتمعات من انتشار الأمراض الخبيثة واختلاط الأنساب. ففي أمريكا مثلاً بلغ عدد الشاذين جنسياً 17 مليون شاذ وشاذة. وارتفع عدد العائلات التي يمارس فيها نكاح المحرمات إلى عائلة من كل عشر عائلات، حسب جريدة «الهيرالد تريبيون» في عددها الصادر في 22/6/1993، والأغرب أن 85% من الذين يمارسونه هم من العائلات الناجحة في أعمالها.كما بلغ انتشار الأمراض الخبيثة بسبب تفشي ظاهرة الزنى أرقاماً خيالية، وخصوصاً في بعض الدول الأفريقية حيث تذكر بعض الإحصائيات أرقاماً تناهز الـ 80% من عدد السكان، وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة هذه المدن مدناً موبوءة.
وكذلك فإن في تحريم الخمر والمخدرات وكل ما يُذْهِبُ العقل نعمة وعبرة لأولي الأبصار. فالعالم كله يشهد ما يعاني شباب اليوم في الغرب من هذه الأمراض، فرغم قيام العديد من المستشفيات والمصحات بمعالجة الناس، وقيام العديد من الجمعيات الأهلية بحملات التوعية لردع الناس عن الوقوع في شرك هذه الموبقات، فإن انتشارها أصبح يهدد المجتمعات الغربية ويشكل خطراً كبيراً عليها. وقد أظهرت دراسة حكومية بريطانية نشرتها مجلة التقوى في عددها 176 الصادر في آذار 2008 أن 20% من طلاب المدارس الثانوية يتعاطون المخدرات، فيما يتعاطى 4% مواداً شديدة الخطورة مثل «الكوكايين».
وكشفت الدراسات أن 25% من 9000 طفل ـ هم محل الدراسة ـ تتراوح أعمارهم ما بين 11 ـ 15 عاماً، عرض عليهم الحشيش، فيما أقر 12% منهم أنهم قاموا بتعاطيه.
وأشارت الدراسات إلى أن استعمال الكوكايين في هذه الفئة العمرية إزداد من 1.4% في عام 2004، إلى 1.9% في عام 2007.
وبحسب فرانس برس، خلصت الدراسة إلى أن 4% من طلاب المدارس الثانوية يتعاطون نوعاً من أنواع المخدرات الشديدة مثل الكوكايين والهيرويين. وقال 6% من الطلاب الذين تبلغ أعمارهم 11 عاماً إنهم تعاطوا المخدرات، وذلك مقارنة بـ 3% في العام الذي سبقه.
وكذلك تحريم الخمر، وقد سمَّاها أهل الحكمة «أم الخبائث». وقد جاء تحريمها في قول الله تعالى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] ، والأمر بالاجتناب أشد وأقوى من الأمر بالنهي عن شربها، أي أنه أمر باجتناب القرب منها كما يقول علماء التفسير. وفي قصة المرأة التي جاءت إلى الناسك لتستشيره في أمر هام، عبرة وعظة بالغة، حيث طلبت إليه أن يصطحبها إلى بيتها لتأخذ رأيه في أمر ضروري، فذهب معها، وقد نصبت له فخاً تريد له الوقوع فيه. فخيرته بأن يزني بها أو أن يقتلها أو أن يشرب الخمر، وإلا شهَّرت به وادَّعت عليه بالباطل. فقال في نفسه إن شرب الخمر هو أهون الشرور، فشربها حتى ذهبت بعقله، فزنى بها وقتل رجلاً رآه يفعل ذلك حتى لا يفضح أمره.
والنهي عن القتل في الإسلام زاجر وقوي، ويوجب القصاص بالمثل. يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ? الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَى? بِالْأُنثَى? } [البقرة: 178] ، وفي سورة المائدة يُظهر القرآن الكريم فظاعة القتل الذي أسرف فيه بنو إسرائيل حيث يقول تعالى: { مِنْ أَجْلِ ذَ?لِكَ كَتَبْنَا عَلَى? بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة: 32] ، ولذلك كان جزاء القاتل المتعمد القتل، يأمر به ويُنَفِّذُه ولي الأمر: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *} [البقرة: 179].
قد يتعجب بعض الناس كيف يكون في القصاص حياة، وفيه قتل القاتل! ويغيب عن بالهم أن الحزم الذي أمر به النبي عليه الصلاة والسلام في قتل القاتل، وقطع يد السارق، وعدم التساهل بذلك، قد حفظ للناس حقوقهم وأموالهم وممتلكاتهم، فمن علم أن يده ستقطع إذا سرق، فلن يقدم على ذلك أبداً، ومن تجرأ على ذلك مرة فلن يستطيع أن يعيدها ثانية ولو أراد. ومن علم أن من يَقْتُل يُقْتَل فلن يتجرأ على ذلك أبداً، لأن في ذلك موته الأكيد. ولذلك كان في القصاص حياة لأولي الألباب، أي: موت القاتل حياة للمجتمع، وقطع يد السارق حفظ لأموال الناس. وتؤكد الإحصائيات أن هذه الجرائم في الدول التي تطبق القصاص في القتل والسرقة والزنى وتقيم الحدود فيها، هي أقل بكثير منها في باقي الدول.