علم الله آدم الأسماء كلها، فكان
هذا العلم هو العلم الأول، وأعطاه في الجنة كل ما يمكن أن يتمناه: { إِنَّ
لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى? * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ
فِيهَا وَلَا تَضْحَى?} [طه: 118 ـ 119] ، سوى شجرة واحدة، فكان أمام آدم
طريقان: طريق الاستجابة لأوامر الله وهو طريق الخير، وطريق المعصية وهو
طريق الشر.
والتفكير بغير عقل ولا هداية، شأن الكافرين ـ كما يقول الإمام محمد عبده
في رسالة التوحيد ـ؛ فالمرء لا يكون مؤمناً إلا إذا عقل دينه، وعرفه بنفسه
حتى اقتنع به. فليس القصد من الإيمان أن يُذَلَّل الإنسان للخير، كما
يُذَلَّل الحيوان، بل القصد أن يرتقي بعقله، وترتقي نفسه بالعلم، فيعمل
الخير لأنه يفقه أنه الخير النافع، ويترك الشر لأنه يفهم سوء عاقبته ودرجة
مضرته».
إن رحلة الهداية التي بدأت مع تلقي آدم للعلم من ربه، تستمر ليومنا هذا،
وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، هذه الرحلة الطويلة هي في حقيقة الأمر
إمداد معنوي حقيقي من رب العالمين أودعه الله عند الإنسان فقط دون سائر
مخلوقاته من ملائكة وجان وحيوان ونبات، وحثه فيها دائماً على سلوك طريق
التفكر والتدبر والتعقل والتعلم والتبصر والسمع... وضرب له الأمثلة وقصّ
عليه القصص وأرسل إليه الرسل مبشرين ومنـذرين... حتى تتيسر لهذا الإنسان
سبل الهداية الصحيحة والتمييز بين «النجدين» ويكون خياره صائباً صحيحاً،
يحقق فيه الهدف الذي من أجله خلقه الله.
وهكذا فكل إنسان يبدأ رحلته بالتلقي والتقليد، ويختمها بالاكتشاف
والإبداع، محققاً بذلك جزءاً يسيراً جداً من عمارة الأرض التي أرادها الله
منا. حتى إذا انتهت حياته على الأرض، ترك لمن خلفه ما أنجز بفضل الله،
ليأتي مَنْ بَعْدَهُ مواصلاً رحلة مَنْ سَبَقَهُ، متمماً الجزء الموكل به.
ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله
إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو
له».فهذه الأمور الثلاثة تستمر بعد موت الإنسان: ذرية متواصلة، وعلم
يستفاد منه تطويراً واكتشافات، وإنتاج يستفيد منه الناس.
وفي كل اكتشاف وإبداع على طريق الخير نعمة وفضل من الله على عباده ليزداد
عطاؤهم، ويزداد علمهم، وتزداد إنجازاتهم، وتقوى حضارتهم. ومن يتأمل جيداً
في ما توصلت إليه العلوم الحديثة من اكتشافات بدءاً من الدولاب، مروراً
بالسيارة والطائرة والحاسوب (الكومبيوتر) و(الإنـترنت) والهاتف الثابت
والنقال والمحطات الفضائية، واكتشاف الفضاء وما إلى ذلك.. ومن الثورة
الصناعية إلى الثورة الإلكترونية وصولاً إلى القرية الكونية... كل ذلك ليس
إلا تراكم علوم عديدة سبقت يومنا هذا، وأصبحت هذه الإنجازات أساساً لعلوم
جديدة واكتشافات لاحقة ستتحقق على أيدي الأجيال المتعاقبة، وهكذا
دواليك... فتتحقق بذلك خلافة الإنسان في الأرض وعمارته لها عن حق وجدارة.
{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ
الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا
بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ
وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ? إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ?
هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ
أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ? فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ?
هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى? * أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى? *
وَأَعْطَى? قَلِيلًا وَأَكْدَى? * أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ
يَرَى? * أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى? * وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّى? * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى? * وَأَن
لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى? * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى?
* ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى? * وَأَنَّ إِلَى? رَبِّكَ
الْمُنتَهَى?} [النجم: 31 ـ 42].
روى الـبـخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إن الله قال:
من عادى لي ولياً فقد آذنته (أي أعلمته) بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء
أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى
أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي
يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذنـي
لأعيذنّه»
هذا العلم هو العلم الأول، وأعطاه في الجنة كل ما يمكن أن يتمناه: { إِنَّ
لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى? * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ
فِيهَا وَلَا تَضْحَى?} [طه: 118 ـ 119] ، سوى شجرة واحدة، فكان أمام آدم
طريقان: طريق الاستجابة لأوامر الله وهو طريق الخير، وطريق المعصية وهو
طريق الشر.
والتفكير بغير عقل ولا هداية، شأن الكافرين ـ كما يقول الإمام محمد عبده
في رسالة التوحيد ـ؛ فالمرء لا يكون مؤمناً إلا إذا عقل دينه، وعرفه بنفسه
حتى اقتنع به. فليس القصد من الإيمان أن يُذَلَّل الإنسان للخير، كما
يُذَلَّل الحيوان، بل القصد أن يرتقي بعقله، وترتقي نفسه بالعلم، فيعمل
الخير لأنه يفقه أنه الخير النافع، ويترك الشر لأنه يفهم سوء عاقبته ودرجة
مضرته».
إن رحلة الهداية التي بدأت مع تلقي آدم للعلم من ربه، تستمر ليومنا هذا،
وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، هذه الرحلة الطويلة هي في حقيقة الأمر
إمداد معنوي حقيقي من رب العالمين أودعه الله عند الإنسان فقط دون سائر
مخلوقاته من ملائكة وجان وحيوان ونبات، وحثه فيها دائماً على سلوك طريق
التفكر والتدبر والتعقل والتعلم والتبصر والسمع... وضرب له الأمثلة وقصّ
عليه القصص وأرسل إليه الرسل مبشرين ومنـذرين... حتى تتيسر لهذا الإنسان
سبل الهداية الصحيحة والتمييز بين «النجدين» ويكون خياره صائباً صحيحاً،
يحقق فيه الهدف الذي من أجله خلقه الله.
وهكذا فكل إنسان يبدأ رحلته بالتلقي والتقليد، ويختمها بالاكتشاف
والإبداع، محققاً بذلك جزءاً يسيراً جداً من عمارة الأرض التي أرادها الله
منا. حتى إذا انتهت حياته على الأرض، ترك لمن خلفه ما أنجز بفضل الله،
ليأتي مَنْ بَعْدَهُ مواصلاً رحلة مَنْ سَبَقَهُ، متمماً الجزء الموكل به.
ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله
إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو
له».فهذه الأمور الثلاثة تستمر بعد موت الإنسان: ذرية متواصلة، وعلم
يستفاد منه تطويراً واكتشافات، وإنتاج يستفيد منه الناس.
وفي كل اكتشاف وإبداع على طريق الخير نعمة وفضل من الله على عباده ليزداد
عطاؤهم، ويزداد علمهم، وتزداد إنجازاتهم، وتقوى حضارتهم. ومن يتأمل جيداً
في ما توصلت إليه العلوم الحديثة من اكتشافات بدءاً من الدولاب، مروراً
بالسيارة والطائرة والحاسوب (الكومبيوتر) و(الإنـترنت) والهاتف الثابت
والنقال والمحطات الفضائية، واكتشاف الفضاء وما إلى ذلك.. ومن الثورة
الصناعية إلى الثورة الإلكترونية وصولاً إلى القرية الكونية... كل ذلك ليس
إلا تراكم علوم عديدة سبقت يومنا هذا، وأصبحت هذه الإنجازات أساساً لعلوم
جديدة واكتشافات لاحقة ستتحقق على أيدي الأجيال المتعاقبة، وهكذا
دواليك... فتتحقق بذلك خلافة الإنسان في الأرض وعمارته لها عن حق وجدارة.
{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ
الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا
بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ
وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ? إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ?
هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ
أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ? فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ?
هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى? * أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى? *
وَأَعْطَى? قَلِيلًا وَأَكْدَى? * أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ
يَرَى? * أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى? * وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّى? * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى? * وَأَن
لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى? * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى?
* ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى? * وَأَنَّ إِلَى? رَبِّكَ
الْمُنتَهَى?} [النجم: 31 ـ 42].
روى الـبـخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إن الله قال:
من عادى لي ولياً فقد آذنته (أي أعلمته) بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء
أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى
أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي
يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذنـي
لأعيذنّه»